توقف عن القراءة والكتابة وكان يتابع الأخبار على التلفاز... الساعات الأخيرة من حياة القصيبي ..
أمانة الملك وحجر الزاوية
عاجل - ( العربية )
قضى وزير العمل السعودي الراحل، غازي القصيبي، أيامه الأخيره على السرير الأبيض، وهو يفكر في "أمانة الملك"، التي حملها على أكتافه منذ عام 2005 في وزارة العمل، التي تنبأ بأن بقاءه فيها لن يطول، وأنه سيختفي عن المسرح، في مقال نشر يوم 7 مارس 2009 في صحيفة الحياة اللندنية.
كما كان حريصاً على مشاهدة برنامج "حجر الزاوية"على mbc للداعية سلمان العودة، الذي تربطه به علاقة صداقة طويلة، كشف عنها العودة في حديثه لقناة العربية البارحة، عندما تحدث عن آخر ذكرياته مع القصيبي حين مرض، والأيام التي سبقت مرضه بفترة قصيرة، حيث بدأ القصيبي مراسلات بينهما بعدد من الأبيات الشعرية، حملت حزنه وألمه من أصدقاء كان يتوقع أن يكونوا أكثر قربا منه.
وشكل رحيل غازي القصيبي خسارة لجيل من الأدب وعبق من السياسة، ورسالة من الإدارة إلى حيثيات الفكر المعاصر، فهو رجل "تخضرم" في ساحات الساسة، وتتلمذ على يد الدبلوماسية العريقة في رأس مهامه اللندنية، وحتى لفظ أنفاسه الأخيرة بعد حياة حافلة من الإبداع والعطاء .
الساعات الأخيرة
وعن تلك الليالي والساعات التي سبقت وفاته، يقول مدير مكتبه، ورفيق دربه هزاع العاصمي، إنها كانت أياما صعبة عليه، خصوصاً في اليوم الأخير، الذي لم يزره فيه سوى شخصين، هما وزير التخطيط خالد محمد القصيبي، والذي يعتبر الراحل خاله، فهو ابن الأخت الكبرى للقصيبي، إضافة إلى فهد الشريف محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة.
ويضيف العاصمي بصوتٍ متهدج لفراق رفيقه لـ "العربية.نت": قبل الوفاة بيوم، اجتمع حوله جميع أفراد أسرته، زوجته، وابنته يارا، وأبناؤه سهيل وفارس ونجاد، وكذلك زملاؤه في السكرتارية الذين رافقوا كل رحلات مرضه منذ 8 أشهر وهما نواف المواش، وبدر الرّيس".
وذكر العاصمي أن الوزير القصيبي انقطع عن القراءة والكتابة خلال الفترة القليلة التي سبقت وفاته، لكنه كان حريصاً على متابعة الأخبار على التلفزيون، إضافة إلى حرصه الشديد على متابعة برنامج " حجر الزاوية" للشيخ سلمان العودة.
أمانة الملك
مؤكداً أن هاجسه كان قبل أربعة أيام من وفاته، إيجاد فرصة وظيفية لمواطن أو مواطنة سعودية، كان يقول إن الملك استئمنه على المهنة، وأنه يريد أن يفيد وطنه وأبناء وطنه حتى آخر رمق، كان جُل تفكيره منصب على كيفية إيجاد فرصة عمل لمواطن أو مواطنة سعودية.
وأضاف العاصمي أن الوزير الراحل، تقبل مرضه بقلب صابر ومؤمن ومحتسب عند الله، ومتيقن تمام اليقين أن ما أصابه من الله، وهذا دليل صبره وإيمانه حتى آخر لحظة من حياته.
وأجاد القصيبي، ربان الأدب والفكر، رسم ذاته بريشة عصره، وأحاط آفاق مجده بما استقطبه من ريان تجربته في بلاط الساسة وخميلة الأدب الجميل، الذي ينأى بالأحمال من الورود والقنابل والسياسة والحزن.
فكرة التيمم
وكشف العاصمي جانباً آخر، مما كان يقوم به الوزير الراحل، حيث قال إنه عندما كان لا يقوى على الصلاة إلا على سرير المرض، كان يتيمم وهو على سريره، ويؤدي الصلاة، مؤكداً أن فكرة " التيمم" الموجودة في المستشفيات السعودية هي فكرة الدكتور غازي القصيبي، إبان كان وزيراً للصحة، واكتشفنا أنها طبقت في مشتشفى "مايو كلينك" في أميركا، وهي خاصة للمرضى الذين لا يقوون على الوضوء.
ويصف العاصمي تفاصيل وقوع النبأ على أهل الفقيد، والعاملين في القسم الذي كان يرقد فيه الراحل، فيقول إن زوجته وابنته وأبناءه لم يتمالكوا أنفسهم من الصدمة، وأكثر من ذلك العاملين في القسم الذين تأثروا جدا بالوفاة، التي هزت أركان المستشفى التخصصي.
بقي القول أن أجيالاً من النساء والرجال، والأطفال، صدحت دمعا يوم رحيل هذا العملاق الذي كان ولا يزال يؤثر بنتاجه الغزير على عقول الكثير من المبدعين وبالذات من رواد الأدب وعالم الصحافة.
الله يرحمه ويغفر له